مذكرات إبليس….. قصة قصيرة

    هاجمني المرض فجأة وبدون مقدمات .. كان جسدي ينتفض من الحمى اضطررت أن أخضع له، ولزمت البيت لا أخرج منه، وفى ليلة شعرت بملل  فقفز إلى ذهني أن أصعد إلى سطح البيت، وعندما صعدت جلست على فرشه مفروشة على الأرض وكانت ليله قمرية، كنت أرفع بصري فأبصر مئذنة المسجد المجاور لمنزلنا، والتي تضيئها المصابيح النيون الملونة، كنت أغمض عيني أحيانا فأرى أشعة نورانية تخرج من الهلال المثبت أعلى المئذنة وتمتد إلى جميع أنحاء القرية كنت ما بين اليقظة والنوم، وكنت اتكئ بمرفقي على مخده تحتي وأذهب في غيبوبة وابتسم.

  وحدث أثناء  غيبوبة من تلك الغيبوبات، أنى أحسست بحجر تم قذفه بجواري وتبعه أحجار أخرى…قمت مفزوعا، اتجهت إلى المكان الذي قذفت منه الأحجار فرأيت برجا بجوار المئذنة تقذف منه الأحجار ..فاندهشت برج لم يسبق أن رأيته من قبل، برجا ملتحفا بالظلام وقد أحيط بالسكون المخيف… فقلت لنفسي…. متى تم بناء هذا البرج..؟

    أنه يبدو قديما جدا، وفيما أنا أتأمل الظلام المحيط بالبرج سقط حجر إلى جواري، ولولا ستر الله لسقط على رأسي، صرخت..يا الله ..يا الله …يا الله .. وبدأت أتلو آية الكرسي …فجأة وجدت بجواري خمسة رجال مقنعين بقناع أبيض  ..طبطب أحدهم على كتفي وقال: متخافش؛ وبمجرد أن انتهى من كلامه حتى بدأوا في قذف الحجارة نحو البرج المظلم ..هجموا هجمة عنيفة ..ثم رأيت حجارة ترد علينا من داخل البرج، واشتد القذف بين الجانبين.

  وفجأة توقف قذف الحجارة من ناحية البرج المظلم! .. فتقدم الرجال المقنعون نحو البرج وأنا خلفهم..وعندما دخلنا وجدناه خرابة، لكن لفت انتباهي وجود بعض الكتب الممزقة على الأرض..فتناولت كتابا وحاولت القراءة، كانت حروف الكتابة مقلوبة وسطورها مموجة وكلماتها ملتوية، وأخذت وقتا طويلا أحاول أن  اقرأها واستطعت بعد جهد جهيد أن اقرأ عنوان الكتاب وكان (مذكرات إبليس) ..وبدأت أقلب في الكتاب بيد مرتعشة محاولا القراءة.

   لكن فجأة اشتعلت النار في جميع الكتب الممزقة الموجودة على الأرض حتى الكتاب الذي بين يدي اشتعلت به النار .. حاولت أن أطفئ النار حتى لا تلتهم ما بقى من المذكرات لكنى فشلت إلا من نصف ورقة أنقذتها من الحريق وكانت بداية مقدمة المذكرات كتب إبليس فيها:

  (ما كنت أريد أن أكشف نفسي بهذه الصورة حتى لنفسي .. إذ كيف يمكن أن اكتب ما يفضحني ويكشفني لمن يطلع على هذه المذكرات..أنني أحارب نفسي وأمنعها من الكتابة، و أحاول أن أربط يدي، وأقيد فكرى كي لا أكتب،  لكن هناك قوة أقوى منى ومن إرادتي تجعلني أكتب إنها قوة تريد أن تجعل مذكراتي جزء من الدينونة على ..على كل حال لقد حددت هدفي وعدوى إنه الإنسان وبالأخص أولئك الذين يعملون جاهدين على دك دعائم أبنية الشر التي أبنيها هذا هم أعدائي ).

  انتهى الجزء الوحيد الباقي من المذكرات وعندما انتهيت من القراءة، التفت حولي فلم أجد الرجال المقنعين..فتملكني الخوف فهرعت خارجا من البرج، وعندما وصلت إلى فراشي وجدت أمي هناك تبحث عنى..احتضنتني ونزلنا معا من فوق السطح ..كان نصف الورقة الباقي من المذكرات ما زال في قبضة يدي.