|

رؤية مصر ٢٠٣٠ بين الحاضر والمستقبل القريب

رؤية مصر ٢٠٣٠

حسب الموقع الرسمي لـ رؤية مصر ٢٠٣٠، فإن رؤية ٢٠٣٠ تعد تجسيداً لروح دستور مصر الحديثة. الذي وضع هدفاً أساسياً للنظام الاقتصادي تبلور في تحقيق الرخاء في البلاد من خلال التنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية. وتؤكد على ضرورة التزام النظام الاقتصادي المصري بالنمو المتوازن جغرافياً وقطاعياً وبيئياً.

رؤية مصر 2030 محطة أساسية في مسيرة التنمية الشاملة في مصر تربط الحاضر بالمستقبل. وتستلهم إنجازات الحضارة المصرية العريقة، لتبني مسيرة تنموية وا​​​ضحة لوطن متقدم ومزدهر تسوده العدالة الاقتصادية والاجتماعية. وتُعيد إحياء الدور التاريخي لمصر في الريادة الإقليمية. كما تمثل خريطة الطريق التي تستهدف تعظيم​​ الاستفادة من المقومات والمزايا التنافسية. وتعمل على تنفيذ أحلام وتطلعات الشعب المصري في توفير حياة لائقة وكريمة.

مصر على طريق رؤية ٢٠٣٠

خلال أسبوع واحد تم تصنيف الجيش المصري كأقوى جيوش المنطقة والتاسع عالميا، وتصدرت مصر أمس الخميس 6 فبراير 2020 الدول المنتجة للزيتون على مستوى العالم (زيتون التخليل) أو ما يسمى زيتون المائدة. هذا التصدر نتاج مبادرة الرئيس السيسي في ٢٠١٥ لزراعة ١٠٠ مليون شجرة زيتون، حيث تم زراعة ٥٦ مليون شجرة حتى الآن، ثم مبادرة زراعة ٢ مليون ونص شجرة نخيل من أنواع مختلفة. وتصدر مصر من التمور بـ ١.٧ مليون طن سنويا.

المتابع دائما لخطابات الرئيس السيسي؛ يجده دائما يستخدم مصطلحات التنمية المستدامة، وتعزيز القيمة المضافة.

خطوات مصر نحو التنمية المستدامة

نحن الآن أمام دولة تسير بخطي مدروسة وإستراتيجية واضحة المعالم. وإرادة قوية من الدولة المصرية؛ لتنفيذ رؤية مصر ٢٠٣٠. هذه الرؤية التي تحدث عنها الرئيس السيسي مرارا وتكرارا، ولم يكن حديث فقط. ولكن حديث يسبقه فعل وتنفيذ، مع كل مشروع مستقبلي يقوم بافتتاحه في كل مجالات التنمية في مصر. من الصناعة للزراعة، للاستصلاح الزراعي، للمزارع السمكية، لمشاريع الطاقة. حتى افتتاح قواعد عسكرية جديدة لحماية هذا المسار التنموي.

العام الماضي في افتتاح أكبر مجمع للأسمدة والمواد الكيماوية. شاهدنا رئيس الوزراء مصطفى مدبولي يتحدث أمام رئيس الجمهورية عن مشروع رؤية مصر ٢٠٣٠. هذه دلالة أن ما يتم تنفيذه الآن ليس وليد الصدفة ولا اللحظة، ولكن كان نتاج مجهود مئات من علماء مصر في كل التخصصات منذ عام ٢٠٠٩ حتى عام ٢٠١٢ . ليخرجوا بوثيقة تنمية لمصر؛ لوضعها في مصاف دول العالم المتقدم.

ولكن هذه الرؤية كانت حبيسة الأدراج في تلك الفترة؛ لعدم وجود دولة قوية تقرر، وعدم وجود إرادة سياسية تنفذ. فتم وضعها كوثيقة للأجيال القادمة، لعل وعسى يأتي من يحمل مشاعل التنمية بيديه وينطلق بهذا السباق. فكان القدر رحيما بمصر وأهدت السماء مصر ذلك الرجل “عبد الفتاح السيسي” صاحب الإرادة الفولاذية والشجاعة في اتخاذ القرار. ليتولي مقاليد الحكم في مصر ويكون أول قراراته هو استدعاء الدكتور مصطفى مدبولي وتكليفه بالبدء فورا في تنفيذ مشروع القرن المصري. مشروع رؤية مصر ٢٠٣٠، ومن تلك اللحظة انطلق الجهاز الإداري في الدولة مدعوما من الرئيس ومشاركة كاملة من القوات المسلحة في سباق مع الزمن. لإنجاز ما تم تخطيطه ليتم تنفيذه في ٥٠ عام، ليتم البدء في تنفيذه في مده زمنية قياسية الآن نرى ملامحها على الأرض.

المتابع لرؤية مصر ٢٠٣٠ على الورق والخطوات التي تم تنفيذها على أرض الواقع لن يجد غرابة بين جمل استخدمها الرئيس مثل التنمية المستدامة ومحاور التنمية وتعظيم القيمة المضافة، وبين ما ينفذ على أرض الواقع من إيقاف تصدير المواد الخام وإنشاء مصانع وطنية لتصنيعها والاستفادة منها كمنتج تصديري مثل: الفوسفات والرخام،  ولكن عقل المستمع المصري العادي الغير متابع لتسلسل الأحداث والأعمال الاقتصادية والتنمية في مصر منذ ٢٠١٤، والغير مطلع على الإستراتيجية الشاملة للتنمية في مصر يجد صعوبة في استيعاب ما يحدث.

كمتابع وباحث لن تحتاج جهد الربط بين السبب الأساسي لإنشاء العاصمة الإدارية الجديدة على أطراف العاصمة القديمة. وبين ما يتم في العاصمة القديمة من مشاريع لإحياء القاهرة كعاصمة حضارية. تشمل متحف مفتوح لأكثر من حضارة من حقب زمنية مختلفة. تتنقل بينها في سهولة ويسر عن طريق أكثر من ٤٢ محور وكوبري. ينقلك كزائر مابين القاهرة الفرعونية وتطوير منطقة الأهرامات والمتحف المصري الكبير (وهو أهم حدث عالمي سيتم افتتاحه عام ٢٠٢٠). لتنتقل من القاهرة الفرعونية لقاهرة المعز الفاطمية، وإخلاء مناطق سور العيون. ونقل المدابغ خارج القاهرة لتتحول المنطقة لمزار سياحي. ثم الاهتمام بمشروع تطوير القاهرة الأيوبية والمملوكية بالمشاركة مع اليونسكو. وتنتقل بعدها للقاهرة الخديوية، ومشروع تطوير منطقة وسط البلد وإعادة إحياء الطراز المعماري المميز لها.

ولم يكن يكتمل المشروع الحضاري للقاهرة كمدينة عالمية. إلا بجزء حديث ينفذ على أحدث الطرز المعمارية العالمية الحديثة. لتقوم الدولة بإخلاء مثلث ماسبيرو من العشوائيات، والبدء مباشرة في مخطط عالمي لمنطقة سياحية بناطحات سحاب ومناطق بنوك عالمية وسوق مال عالمي.

المشروع الحضاري للقاهرة كمدينة عالمية

لم يكن ليبدأ هذا المشروع إلا بقيام الدولة بإنشاء سكن اجتماعي، بديل لأهالي تلك المناطق العشوائي كبعد اجتماعي واقتصادي وإنساني.

كمتابع لن تجد صعوبة في الربط بين محور قناة السويس وبين أنفاق قناة السويس ومشروع رؤية مصر ٢٠٣٠ كمحاور للتنمية.

كمتابع لن تجد صعوبة في الربط مابين محور الطاقة. وتحول مصر من عجز في الكهرباء لدولة مصدره للكهرباء لأفريقيا وآسيا وأوروبا. وتوسع مصر في مشاريع الطاقة الشمسية، وإنشاء اكبر محطة طاقه شمسية في العالم في أسوان.

وتوسع مصر في اكتشافات الغاز وتحولها كمركز إقليمي للغاز في المتوسط وإعلانها الاكتفاء الذاتي من الغاز في عام 2019.

كمتابع للقطاع الصحي ستجد أن مشروع التأمين الصحي الشامل. الذي تسارع فيه الدولة الزمن على الأرض في ٥ محافظات كمرحلة أولى جزء من مشروع تنمية مصر ٢٠٣٠.

مشروع التأمين الصحي الشامل

كمتابع لن تستطيع الفصل بين مشروع النظام التعليمي الجديد. وبناء آلاف المدارس والجامعات على أحدث النظم التعليمية. وبين محور التعليم في رؤية مصر ٢٠٣٠.

كمتابع جيد لن تضبط نفسك متلبسا بسؤال لماذا ننشئ ما يقارب من ال٦ آلاف كيلو متر طرق على أحدث النظم العالمية ووسائل السلامة. لأنك ستجد أنها جزء من خطة مصر الشاملة للتنمية لرؤية ٢٠٣٠.

كمتابع جيد ستستطيع بسهول الربط بين رؤية مصر ٢٠٣٠. وعدد سكانها المتوقع تجاوزه ١٣٠ مليون نسمة عام 2030، وبين إنشاء ١٤ مدينة جديدة؛ لاستيعاب معدل النمو السكاني. وخلق مجتمعات عمرانية جديدة ومناطق تنميه جديدة مربوطة بالـ ٦ آلاف كيلو متر طرق.

.. ولكن

كانت ولازالت مشكلة القطاع الأهم من الشعب المصري خلال الفترة الماضية. هي عدم رؤية الوضع المصري الداخلي والخارجي، والخطة المستقبلية بزاوية رؤية أشمل وأعم. دائما كانت ولازالت رؤية المواطن مقتصرة فقط على الحالة اللحظية وعلى حالته الشخصية، دون النظر للرؤية العامة للدولة.

لذلك كنا ولازلنا نجد أسئلة استفسارية أو استنكارية عن كل خطوة تتم من قبل الحكومة والنظام المصري، ولا يكتفي بالاستفهام والاستنكار  – وإن كان هذا حقه في حال كانت غايته المصلحة العامة- ولكن المواطن العادي أو المواطن صاحب الرؤية المحدودة، يرى ويقرر ويحكم على أنها خطوات لا داعي لها الآن.

كانت الأسئلة ولازالت تدور في فلك:

  • لماذا كل هذه الطرق؟
  • لماذا هذا الكم من أعمال البنية التحتية؟
  • ألم يكن أولى تأجيل العاصمة الإدارية أو تأجيل مدينة العلمين أو تأجيل مثلث ماسبيرو؟
  • لماذا هذا الاهتمام بالطاقة الشمسية؟
  • ما فائدة هذا الكم من التسليح الغير مسبوق؟

وهكذا من الأسئلة التي ترى أن الدولة تهتم بملفات يمكن تأجيلها. لأن المواطن يئن تحت نيران ارتفاع الأسعار. ولكن كانت الدولة والرئيس مصرين على استكمال مشاريعهم وخططهم بعزم وهمه غير مسبوقة في أي جهاز إداري سابق للدولة المصرية.

كثير من إجابات هذه  الأسئلة يراها المواطن الآن رؤي العين مثل: الهدف من التسليح، والهدف من الطاقة والإسكان، ولكن لازال المواطن إما ينكر عن عمد أو عن جهل أو عن زاوية رؤيته الشخصية المختلفة عن توجه مشروع الدولة الشامل.

هنا يأتي السؤال لماذا يأتي هذا التضاد بين فكر الدولة ورغبات المواطن؟

ببساطه لان زاوية رؤية كل فريق مختلفة عن الآخر . الدولة لديها مشروع متكامل مترابط ملزم وملتزم بمواعيد وخطوات محددة. مرحلية ومستقبلية لعموم مصر لكل متر مربع فيها، ولكل فرد في الـ ١٠٠ مليون مواطن.

والمواطن لديه رؤية لشخصه فقط والمربع المباشر الذي يسكنه.

… لكي تستطيع الحكم على التجربة الحالية يجب أن تخرج خارج نطاق “أنا استفدت أيه”. وتضع أمامك خارطة بالحجم الكبير لمصر، وتمسك بقلم وتقوم بتحديد كل محافظة على حدة. وداخل كل محافظة تحدد على كل مركز على حدة، وداخل كل مركز تحدد على كل قرية. وتضع نفسك مكان المسئول السياسي والتنفيذي، وتتخيل أنك مثلا تقوم بعمل مشروع صرف صحي. هل ستستطيع تنفيذ المشروع في كل ربوع مصر في وقت واحد أم ستنفذ المشروع على مراحل.

المسئول لو بدأ تنفيذ المشروع أمامه جدول زمني ومكان يبدأ منه ومكان ينتهي فيه. لكن أنت كمواطن “هتبص على القرية اللي جنبك وتقول أنا استفدت إيه ومفيش صرف صحي عندي دلوقتي”

نفس الطريقة تقاس بها مشاريع تنمية القاهرة من مترو وأتوبيسات ومناطق حضارية وطرق وكباري. أنت كمواطن في صعيد مصر ستقول “أنا مالي” وكمواطن  من قاطني القاهرة ينظر للأمر من زاويته ويقول” وأنا مالي بتطوير كورنيش الأقصر ولا إنشاء مستشفيات حديثه في سوهاج، مواطن سوهاج والأقصر ينظر لمشاريع المنصورة الجديدة ويقول” أنا مالي بمدن دمياط الجديدة والمنصورة الجديدة”.

وبالمثل المواطن في المنصورة سيقول” وأنا مالي بقناطر أسيوط الجديدة و هستفيد أيه”.

مصر تسير بخطي قوية وسريعة نحو التنمية، ولكنها تحتاج خطي أسرع للتنمية. رؤية المواطن الخاصة وتحويلها لرؤية عامة ليصبح المشروع القومي هو مشروع شخصي لكل مواطن.

حفظ الله مصر من شرور أنفسنا أما شرور أعدائها فلها جيش يحميها منهم.

Similar Posts

17 Comments

  1. فاتحة خير انشاء الله يا هندسة بس ما تبقاش تنسي الفيس بوك

  2. هل سنري هيكل جديد يا هندسة ؟
    موفق وبداية رائعة
    حفظ الله مصر

  3. جميل السرد وتناولك الاحداث ايها الكاتب الجميل

  4. مقال رائع ترجوا ان تتبعه مقالات عن الجدول الاقتصادية للمدن الذكية

اترك رد