الديكتاتوريات الوطنية والاستبداد الوطني

ستالين …بعد رحيل لينين زعيم الثورة البلشفية في روسيا، اجتمع رفاقه لاختيار خليفة له ليكمل مسيره ثوار 17 أكتوبر، وكان لينين قد ترك وصيته لاختيار خليفته. وكان قد أوصى باختيار تروتسكي بدلا من جوزيف ستالين، لقناعه لينين بأن ستالين شخص متهور وأن تروتسكي لديه من الحكمة ليستطيع قياده روسيا بشكل أفضل. ولكن أعضاء اللجنة المركزية للحزب كان لهم رأى أخر، وفى اقتراع وتصويت حر تم اختيار ستالين رئيسا للجنة المركزية خوفا منهم واعتقاد أن تروتسكي سوف يصبح ديكتاتورا، ولسخرية القدر قام ستالين في نفس ليلة الاقتراع بعد اختياره بإثبات صدق وجهة نظر لينين وقام بأكبر حمله اغتيالات للأعضاء الذين صوتوا ضده وعددهم تجاوز 1800 عضو، وقام بنفي تروتسكي خارج روسيا.

وبدء ستالين عهد جديد من الديكتاتورية المحملة بالشعارات الوطنية لبناء روسيا القوية، وكان لدى ستالين يقين بان الدولة الزراعية ليست هي الدولة التي يحلم بها. فقام بإجبار المزارعين على ترك مزارعهم وحقولهم، وقام بمصادره أملاكهم من الأراضي والغلال والحيوانات ومن قاوم تلك القرارات سواء من كبار أصحاب الملكيات أو صغار الفلاحين قام باعتقاله وترحيله لمعسكرات الكولاج في سيبريا في اكبر حمله اعتقالات في تاريخ روسيا، ونتج عن تلك الحملة وفاة مالا يقل عن 15 مليون روسي، أُجبروا على العمل بلا توقف دون غذاء أو راحة. في تلك المعسكرات استطاع ستالين بكل مرونة أن يفعل أشياء عكس ما كان يرفع من شعارات فقد تم اختياره بالانتخاب الحر في اللجنة المركزية، وكانت النتيجة حملة اغتيالات لأعضاء اللجنة.

قام باعتقال وقتل أباء الأطفال الذين كانوا يغنوا له في أعياد الثورة شكرا للرفيق ستالين راعى طفولتنا السعيدة.

أما باقي الشعب الروسي الذي قهر واستعبد واجبر على العمل في الخطة الخمسية لستالين لنهضة روسيا في المصانع والجسور والطرق كان له مقولة شهيرة وهى لا يوجد خبز على الطاولة ولكن صورة الرفيق ستالين موجودة على الجدار. وكانت تلك النماذج هي تطبيق حرفي لمقولة أن الاختيار الشعبي للديكتاتوريات الوطنية يمكن أن يكون بالاقتناع والإجبار في نفس الوقت. فقد اقتنع كثيرا من الشعب الروسي المقهور أن ما يحدث هو خطوات في بناء روسيا العظيمة وقد كان فقد نقل ستالين روسيا من دوله فقيرة منهكة تعيش على أطلال أمجاد القياصرة لدوله تمثل القطب الثاني في العالم اقتصاديا وعسكريا والقطب المنتصر في الحرب العالمية الثانية في الجبهة الشرقية في مواجهة هتلر، واستطاع الجيش الروسي دخول برلين قبل الحلفاء ليجعل من ستالين القيادة القوية صاحبة الصوت الأعلى في مفاوضات برلين بعد سقوط هتلر .

وكعادة عجلة التاريخ التي لا تتوقف عند زعامات فقد توفى ستالين في عام 53 وتولى بعده خروشوف والذي تعرض لضغط شعبي لمحاكمة ستالين بعد وفاته، وتم محاكمته واعتباره عدو للشعب بعد 3 سنوات من وفاته، وتم نبش قبره في الكريملين وإلقاء جثته في مكان غير معلوم بسبب جرائمه التي ارتكبها في حق الشعب الروسي، والتي في مقابلها أعطى لهم دولة عظمى اقتصاديا وسياسيا وعسكريا وجيش من أقوى جيوش العالم ، ليصبح ستالين مثالا للمستبد الوطني والديكتاتورية الغير عادلة التي تصنع دوله قوية والمقابل شعب مقهور.

Similar Posts

4 Comments

  1. بداية رائعة صديقي واخى الحبيب الامام احمد
    تمنياتى بالتوفيق

  2. مقال رائع . كالعاده يا امام منكم نستفيد لاني عمري ما عرفت حقيقه ستالين ولا تاريخه. كنت اقرا عن اسمو كزعيم روسي فقط .فشكرا للمعلومه. اما انا صرت ع قناعه اي ديكتاتور موجود يكون لنا كشعوب يد فيهم وفي جبروتهم علينا

اترك رد